بناء الثقة المعدية لفريق لا يقهر ! (2)



زاد يقيني بأن الثقة أقوى أداة لإنجاز العمل وتحقيق المستهدفات ضمن الفريق، وذلك عبر ما يتم تحقيقه من نتائج وأثر ويروي لي الأقران والأصدقاء ذلك وتؤكده الدراسات والأبحاث على مستوى الإنسان والعلاقات خصوصاً في المنظمات الأكثر تعقيدًا والبيئات التي خُلقت لحل وتذليل التحديات الثقة وصفة سحرية دوماً، لأن تلك البيئات تحتاج الإنسان والعلاقات لصنع التغيير.

في هذه المقالة نكمل ما قد بدأنا به في الحديث عن الثقة بما تحويه من عنصرين، وغُطِّي العنصر الأول في المقال السابق وهي الشخصية - يمكنك الاطلاع عليها من هنا- ، وفي هذه المقال سنتناول العنصر الثاني وهي كفاءتك، فبعد بناء الثقة وتحقق الفريق منها والوصول لتقييم ملموس لها سيقوم الفريق بالتأكيد بتقييم كفاءتك وتتطاير الكثير من التساؤلات مثل :

أبرز التساؤولات : 

  • هل تفهم طبيعة العمل، وكيف تنجز هذه الأعمال وكيف تتم بأفضل طريقة ؟
  • هل تعرف كيف تؤمن اللازم من الموارد والإستراتيجيات والخطط وكيف تبني الرؤية التي يحتاج إليها الفريق لتحقيق المستهدفات ؟
  • هل أنت مرشد ومدرب وموجه فعال ومطور للمواهب ومتبني لها ؟
سيقوم فريقك بالحصول على الإجابات على هذه الأسئلة وغيرها التي تكون صورة عن مدى كفاءتك عبر الأعمال اليومية وسلوكك خلال يوم العمل وتفاعلك معهم ومع الأعمال والتحديات والإدارة بكافة أوجهها، حيث إن هدفك سيكون بأن تحرص على بناء الثقة بالكفاءة والإنجاز وتعزز هذه الثقة بكفاءتك وتنميها دورياً بما يتناسب مع المرحلة، وهناك علاقة وثيقة في ثقتهم في شخصيتك وقيمك وثقتهم في كفاءتك وذلك يتضح في أول طريقك القيادي في حال وثق فريقك بشخصيتك، ولم يجد الكفاءة فيك ستكون النتيجة محبتك وتقديرك ولكن من دون احترام لصفتك المهنية وذلك لعدم وجود الكفاءة والإنجاز والعكس كذلك في حال ثقتهم في كفاءتك فقط ! دون ثقتهم الشخصية فيك لأي سبب سيكون هناك احترام لرأيك ولكن بلا قبول ولا شغف ولا حماس ولن تطور رحلة القيادة بل ستتحول إلى جحيم غير مرئي منتهي بالفشل.

والآن لنعود إلى النصف الثاني من جانب الثقة وهي ثقة الفريق في كفاءتك..

هل هناك بعض الوسائل والنقاط الإستراتيجية التي يمكن أن تدعمك في هدفك؟

نعم ! وملخصها كالتالي :

أولاً : خطط لنتائج سريعة في بداية كل مرحلة، حيث إن الحكم في النهاية للنتائج التي يمكن أن تتحقق من خططك وتنظيمك وقراراتك، لذلك أحرص على إقفال الملفات والأعمال المفتوحة بسرعة، واستهدف ركائز بناء الفريق والتحديات الداخلية أولاً وبناء البوصلة ومن ثم وسع نطاق النتائج والأثر على نحو أكبر تدريجياً، وهذا لا يعني اتباع القواعد دائمًا، اخلق لنفسك إجراء، واختبر الإجراء الحالي واطلب استثناء وافهم أكثر كيفية سير الأعمال والإجراءات وابحث عن حلفاء في الإدارات الأخرى لتحقيق نفس الهدف، ويوصيك مايكل واتكينز في كتابة الأيام التسعين الأولى لأي دور إداري جديد لك باختيار ثلاث أو أربع مشكلات بسيطة ومحددة بوضوح تهم فريقك أو إدارتك في العمل وحلها بطريقة فعالة، ولا تكبر اللقمة أرجوك !

ثانياً : (المشكلة اللي يهابونها واجهها واهدم الحواجز من حولها)، ينتظر منك فريقك معرفة قدراتك ومعارفك التشغيلية ورؤيتك الإستراتيجية وقدراتك الدبلوماسية والتفاوضية التي ستحقق لهم الظروف المناسبة لإتمام أعمالهم في الكيان كاملاً، وكخطوة عملية حدد بعض التحديات التي تعيق فريقك وابدأ العمل عليها عبر تحليلها وإقناع المسؤولين بما يتطلبه الأمر من موارد وطلبات وسيتحقق ذلك عبر مهاراتك في بناء قصتك وقدرتك على الإقناع وإدارة الحلفاء والمستفيدين بهدف تحقيق المستهدفات.

ثالثاً: شارك خططك ونواياك وأفكارك وتسلسلها وترابطها، من أكثر الانتقادات التي يمكن أن توجه لك بأنك لا تعرف ما الذي يحدث بالفعل أو أنك لا تهتم بما يحدث في الخطوط الأمامية ( ما تدري وش السالفة😊)، سواء في الخطوط الأمامية والعملاء والشركاء أو في المطبخ الخاص بالكيان، حيث إن الهدف هو بناء موقفك وتصورك الصادق لفريقك وغيرهم عبر الحديث معهم ومشاركة الأفكار وتسلسلها حيث أنهم لن يعرفوا ما يحدث في رأسك ما لم تتحدث وتشارك بتسلسل منطقي، ويمكنك ذلك عبر قضاء وقت مقتطع ومتابعة فريقك الأساسي ومشاركة أفكارك وعكس أعمالهم بناء عليها وإسقاط أفكارهم أيضاً على ذلك، أظهر رغبتك في توائم أفكارك ونواياك بنياتهم وأفكارهم بمشاركة المعلومات والتوجهات دورياً ليكون الهدف مشترك.

رابعاً : كن واضحاً، وكن شفافاً، ساعدهم يساعدونك وذلك بالوضوح فيما يخص دوافعك وقيمك التي تحرك قراراتك وسير العمل، ولا تقلق بخصوص رؤيتهم بأن هذا الشيء تبرير دوري لأفعالك ركز فقط على إيصال خبرتك وتجاربك وإحساسك بالسياق والصورة الشمولية الكبرى، وهذا مفيد جداً للفريق ويساعدهم كثيراً في تقليل التحليلات والظنون والتفسيرات الغير مرغوب بها😊.

خامساً: تعرف ولا ما تعرف.. كن صادقاً، بيكون شكلك سخيف صدقني إذا شاركت معلومة ترقيعية أو غير دقيقة قاوم الرغبة في الظهور كلّياً وصحيح دائمًا، اطلب توضيحاً، وناقش واستمع أكثر مما تتحدث وان تطلب الأمر اطلب وقت للرجوع للمصادر والحصول على المعلومات الدقيقة والصحيحة.

نقاط اضافية مهمة :

ومن خلال التركيز على عنصري الثقة وهما الشخصية والكفاءة تكون قد بنيت الجزء الأساسي الذي تقوم عليه ثقة فريقك وإدارتك فيك، وحتماً ستواجه تحديات داخل وخارج هذه العنصرين حيث يجب الإشارة لبعض النقاط المهمة والعوامل المساعدة ومنها :
  • قد لا يثق فريقك بك حتى الآن وبعد كل الخطوات والجهد بالشكل الكافي فكر في طرق أخرى لزيادة ثقتهم وذلك عبر معرفتك بمن يثقون ومن يهتمون برأيه في مجال عملك سواءً أشخاص أو مصادر أو خبراء داخل الكيان، الاستفادة منهم والموائمة معهم ستعزز من مصداقيتك على نحو أسرع.
  • رحب بكل أنواع المدخلات ولا تظهر بأنك شخص يقع في حب أفكاره الخاصة ولا يقبل النقد، واعترف حقيقةً بأن هذا صعب وقد يبدوا أن بذل الجهد في مقاومة ذلك أمر غريباً ولكن كن واعي واجتهد في ذلك.
  • كن أنت بصدق ومارس روحك وهويتك القيادية بتفرد، لا تقلد ولا تكن نسخة طبق الأصل لشخصية قيادية أخرى ستظهر على وجه غير سوي بل على العكس تصرف بناءً على شغفك وقيمك واسمح لنفسك بالخطأ وتطور وحسن دورياً من مهاراتك القيادية.
  • تعلم من قصتك وتجاربك وتاريخ، افهم دوافعك الخارجية والنتائج التي تحفزك مثل المكانة والتقدير والانتباه إلى ما تسعى إليه من مكافآت تعيد شحن طاقتك، عزز وعيك الذاتي وتطور نفسك كقائد بأسلوبك الخاص.
ختامًا كن واعي بالدروس المستفادة وشاركها وتحدث عنها دوماً، أتمنى أن تكون رحلتك في بناء ثقة فريقك والإدارة رحلة ماتعة ورائعة.. كل التوفيق لك
سعود



تعليقات